نظرت يوما إلى القمر و تساءلت .. هل مازال هذا البدر الذي يضيء سماءنا يسطع في سماء الآخرين؟! هل مازلت أستطيع أن أقوللابنتي هذه سماء عربية حرة.. ماذا لو سألتني، ما معنى عربية .. و ماذا تعني كلمة حرة؟
كيف أشرح لها معنى كلمة الوطن العربي...." الوطن الذي تجمعه حدود طبيعية واحدة، و لغة واحدة و دين واحد " و فاقد الشيء لا يعطيه.
أنا من جيل السبعينات... الذي وعى للدنيا على صوت عبد الحليم و صباح.. يغنون لوطني حبيبي الوطن الأكبر...، و( أمجاد يا عرب أمجاد) الجيل الذي كبر مع نصر 73...، و كان كل ترفيهه ...الليث الأبيض و غرندايزر و فوازير فاطوطة.
فكيف أشرح لها وضعنا الآن.... كيف أقنع جيل سبيس تون و ارتينز إن اليد التي صنع ديزيني و دونالد داك ..... هي نفس اليد التي إغتالات آلاف الأطفال من شرق الأرض لغربها.. كيف أفسر أن من صنعوا القنبلة الذرية و من ينادون بوهم الديموقراطية ... هم أنفسهم من فرقونا و زرعوا بيننا الحدود و المذاهب و التأشيرات.
عدت بالذاكرة الوراء... إلى حلم درسناه في مدارسنا و تشبعنا به في طفولتنا.... ذلك الوهم الذي ما أن كبرنا حتى حطمناه بأيدينا على صخر المطامع الشخصية و الغرور الذاتي.
فهل مازالت تجمعنا لغة واحدة و أرض صامدة و تاريخ مشترك؟!
لقد نسينا أو تناسينا أن ... عمر المختار ... و جمال عبد الناصر ... و الملك فيصل ... و الشيخ زايد كانوا فخر العرب جميعا... و نسينا أو تناسينا ...حرب 48 ... و بلد المليون شهيد... و سلاح البترول ... و ريال فلسطين ... و طلعة المحمل.
تركنا العراق تنتهك .. و لبنان تحترق.. و فلسطين تموت بين أيدينا ... و انشغلنا بهيفاء وهبي و نانسي عجرم .. و شبكة المحمول و نقش الأشمغة.
تركنا عدونا الحقيقي يزرع أشواك الشقاق بيننا... فجعلنا من تعدد اللهجات أسواراً.. و من اختلاف المذاهب أمواجاً ابتلعتنا جميعا و أغرقتنا في بحر من الفتن و التفاهات... ابتعدنا عن جذورنا و جوهر ديننا... ضاع منا شهر القرآن الذي كان يوحدنا جميعا على "كوب واحد" و "كسرة خبز واحدة" ... فلم يعد من المهم أن نصوم جميعا لرؤيته و نفطر لرؤيته... صار لكل واحد منا شهره و لكل فرد عيده... لكن مازال المهم أن نعرف هل "زيت الشعر" يفطر أم لا و هل "العطر" حلال أم حرام.
لم يعد المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص،... فتحنا أراضنا و أبحنا عرضنا ... بعنا ضمائرنا و قبضنا الثمن دم إخواننا.
لقد ورثنا مجد ضيعناه ...و حلم وأدناه... فبأي ضمير سنواجه أبناءنا إذا ما سألونا و حاسبونا... و كيف سنجد لهم تعريف لما كان في الماضي ... حلم جميل ... و هم كبير ...اسمه الوطن العربي ؟